كتب : عماد العذري
بطولة : باسكال
لاموريس
إخراج : ألبير
لاموريس
في عددٍ من أفلامه التي لم أشاهدها - على الرغم من قلتها – تناول ألبير لاموريس
التحليق بصورةٍ أو بأخرى ، و ربما كان أمراً غريباً أن قضى الرجل لاحقاً في تحطم
طائرة هيلوكوبتر في سماء إيران عام 1970 ، في رحلة عشقه للسماء و
للتحليق فيها بقي فيلمه هذا - الذي منحه سعفة كان الذهبية للفيلم القصير عام 1956 - مأثرته السينمائية
الأهم و الأكثر خلوداً .
لاموريس يحكي على مدار 34 دقيقةً شبه خاليةٍ من الحوار حكايةً عن طفلٍ صغير (يؤدي دوره ابنه
باسكال)
يصادف في طريقه الى مدرسته بالوناً أحمر ، يأخذه ، و سرعان ما يكتشف أن هذا
البالون له عقله الخاص الذي يتجاوب مع الطفل و يتجول معه في شوارع باريس و أزقتها .
الحكاية بسيطةٌ جداً ، يداعب من خلالها لاموريس جزءاً من طفولتنا التي شكّلت البوالين
فيها إحدى مصادر بهجتها ، حكايةٌ عن الصداقة و الخسارة و الحب ، البالون الذي
يرافق الطفل هنا هو المتنفس ، الحرية ، الأمل الذي يضيق بسعار الإنسان المحموم
تجاهه حتى ينتهي و يدمر ، هذا الأمل و هذه الحرية قد تجد من يتفهمها و يحضنها (كما
نشاهد في المونتاج الجميل للطفل يقف تحت مظلات الآخرين أثناء المطر) ، و قد تجد من
يضيق بها (في متواليةٍ متكررةٍ لما يحدث للطفل مع وسائل المواصلات) ، و قد تقيّد
(كما يحدث له في المنزل أو المدرسة) ، و قد تطارد و تضطهد و تذوي كما يحصل على يد
الأطفال في الذروة ، في هذا النص – وهو الأقصر على الإطلاق في تاريخ النصوص
الفائزة بأوسكار أفضل سيناريو
أصلي – يختبر لاموريس في الإنسان موزاييكاً من المشاعر الإنسان في
مدة نصف ساعةٍ فقط : الفضول و البهجة و الألفة و الغيرة و الحسد و الحب و الوحشة و
الألم و الأمل ، قبل أن يقودنا في الختام – في مشهدٍ ألهم صناع فيلم Up – إلى
نهايةٍ لا تقتل ذلك المتنفس بل تجعله حافلاً بالمزيد و المزيد ، حيث الإنعتاق من
كل ذلك ، و الإرتقاء فوق كل شيء .
أستقبل هذا العمل عند اطلاقه بحفاوةٍ كبيرة ، و بقي لأربعة عقودٍ
تالية مادةً دراسيةً روتينية في مدارس أميركا و كندا ، بساطة حكايته و جمال
موسيقاه و براعة تصويره و صنعته و مؤثراته البصرية (مستفزة الإتقان) و التي تزيد
من قيمة (العجائبية)
التي تكتنفها الحكاية ، كلها أمورٌ جعلت من العمل ارثاً سينمائياً لا تغيره
السنوات ، تأملٌ جميلٌ في الطفولة ، حيث لا أهمية لكل تلك الأمور التي يتقنها
البشر عندما يكبرون ، عن الحرية و الأمل ، و عن إبقاء أعيننا دائماً معلقةً
بالأعلى ، انتظاراً ربما لـ (معجزة) !!
التقييم من 10 : 10
0 تعليقات:
إرسال تعليق