إستمرت لليوم السادس فعاليات
مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته السادسة و الستين ، و
بدت ملامح المهرجان أكثر وضوحاً خلال الأيام الثلاثة الماضية مع عروضٍ ممدوحةٍ ضمن
المسابقة الرسمية للمهرجان قدمها فيلم المخرج الياباني الشهير هيروكازو كورإيدا Like Father, Like
Son ، و فيلم المخرجين جويل و إيثان كوين Inside Llewyn Davis تماماً كما كان مقرراً
لهما .
هيروكازو كورإيدا أثبت مرةً أخرى أنه
المخرج الأفضل في اليابان خلال السنوات القليلة الماضية و الأفضل في جيله في ظل
التراجع الذي شهدته مسيرة بيت تاكيشي كيتانو ، كورإيدا عاد للأضواء مجدداً خلال اليومين الماضيين من خلال
المديح الذي حظي به فيلمه الجديد Like Father, Like Son و الذي يقوم ببطولته ماساهارو فوكوياما في قصةٍ عن عائلتين تكتشفان أن ولديهما
البالغين من العمر ستة أعوام قد تم تبديلهما بعد الولادة .
و قال كورإيدا في
معرض حديثه عن فيلمه بأنه يحقق من خلاله سبراً جديداً في موضوع الأسرة اليابانية و
هو موضوع يعشق إستكشافه من حينٍ لآخر تماماً كما عشقته السينما اليابانية منذ
أفلام ياسوجيرو أوزو و حتى يومنا هذا ، و قال كورإيدا بأن
في الفيلم الكثير من روح تجربته الشخصية خصوصاً بعدما فقد والده مبكراً و أصبح أباً
لاحقاً .
و حظي الفيلم
بإستقبالٍ قد يكون الأفضل في كان حتى هذه اللحظة بالنظر للهتافات العالية و
التصفيق المطول الذي اختلط بالدموع لدى بعض الحضور ، و هو أمرٌ يضع الفيلم بقوة في
القائمة المصغرة التي ستتنافس بقوة لخطف السعفة الذهبية أو جائزة لجنة التحكيم الكبرى على أسوأ تقدير .
و للمرة السادسة
يشارك المخرج الفرنسي آرنو ديبلوشان في المسابقة الرسمية ، ديبلوشان قدم الى كان
هذا العام بفيلمه الناطق بالإنجليزية Jimmy P الذي يدير فيه النجوم بينيسيو ديل تورو
و ماثيو أمالريك ، و يقدم من خلاله ديبلوشان تحليلاً
نفسياً من النوع الذي يفضله حيث يحكي قصة جيمي بيكار المجند الأميركي الذي قاتل في فرنسا في الحرب
العالمية الثانية و الذي يدخل بعد عودته الى أحد مستشفيات الأمراض العقلية في كانساس في
وضعٍ ذهني غير مفسر ، حيث يتم بصعوبةٍ بالغة تشخيصه بالفصام قبل أن تقرر ادارة
المستشفى كمحاولةٍ أخيرة الإستعانة بخبرة جورج ديفرو عالم الأنثروبولوجي الفرنسي و المحلل النفسي
المتخصص ، و لم يحظ الفيلم بالإستقبال المرجو و حصل على بعض المراجعات الإيجابية
المتوسطة و التي لا تبشر كثيراً بمضيّه بعيداً في المنافسة .
خارج المسابقة
الرسمية عرضت المخرجة الفرنسية ريبيكا زولوتوفسكي فيلمها الجديد Grand Central الذي تدير فيه إثنين من أبرز ممثلي جيلهما في السينما الفرنسية اليوم طاهر رحيم و ليا سيدو في
إثارةٍ هيتشكوكية تستلهم الكثير من روح رائعة هيتشكوك الشهيرة Notorious في قصة غاري الشاب
الطموح الذي يحظى مؤخراً بوظيفةٍ في محطةٍ نووية ، حيث يجد الإستقرار و النجاح وسط
ذلك الكم من النشاط الإشعاعي الذي سرعان ما يأخذ صورةً إنسانيةً مغرية عندما يقع
الرجل في حب كارول ، المرأة المتزوجة التي تعمل في المحطة .
و قالت زولوتوفسكي
بأنها قرأت الكثير عن أجواء العمل في المحطات النووية ثم تأثرت بكارثة فوكوشيما
فقررت صناعة هذا الفيلم الذي رأته فيلماً عن المخاوف و عن العيش الدائم تحت الضغط
و القلق سواءً من خلال العمل في المحطة أو من خلال قصة الحب المضمّنة فيها ، و قالت
زولوتوفسكي بأنها وجدت نفسها محظوظةً بالعمل مع إثنين من أهم
الأسماء في الجيل الصاعد في السينما الفرنسية مثل طاهر رحيم و ليا سيدو عقب
النجاحات المهمة التي حققها كلاهما خلال السنوات القليلة الماضية .
بالمقابل كان
الإستقبال متواضعاً لفيلم المخرج الهولندي أليكس فان فارمردام Borgman الذي عرض ضمن المسابقة
الرسمية ، و شارك فارمردام للمرة الأولى في المهرجان منذ قدومه قبل 15 عاماً
بفيلمه الرابع Little Tony الذي عرضَ حينذاك خارج المسابقة الرسمية ، و هو هذه المرة يحقق الظهور
الأول لبلاده في المسابقة الرسمية منذ 38 عاماً .
و الفيلم هو أثارةٌ
سوداوية عن كاميل بورغمان الذي تتداخل حياته بشكلٍ مرعب مع حياة زوجين ثريين و
أبنائهما الثلاثة و مربيتهم ، و يبدو بأن العوالم الغريبة المعتادة عن فارمردام و
خصوصية التعامل مع سينماه قد وقفت عائقاً أمام تلقي العمل بالصورة المطلوبة.
ضمن المسابقة الرسمية
أيضاً عرض Shield of Straw العمل السينمائي الجديد للمخرج الياباني تاكاشي ميكي المستلهم
عن روايةٍ لكازوهيرو كيوشي و التي تحكي قصة سوء الحظ الذي رافق كونيهيدي كيومارو
المتهم بقتل حفيدة الملياردير الياباني نيناغاوا أحد كبار رموز السياسة و الإقتصاد في البلاد ، و
المحنة التي سيمر بها في مراوغة المكافأة الضخمة التي تم الإعلان عنها لمن يأتي به
، و لم يحظ الفيلم بذات الإستقبال الذي ناله فيلم ميكي السابق 13 Assassins و إن
كان لم يبتعد كثيراً عن مستوى أفلام الإثارة و الرعب الجيدة التي اشتهر بها الرجل
سابقاً مثل Audition و Imprint .
فاليريا بروني تيديشي المخرجة الإيطالية
المقلّة تتواجد هذا العام ضمن المسابقة الرسمية بفيلمها A Castle in Italy الذي حظي يوم أمس بعرضه الإفتتاحي في المهرجان ، الفيلم حكايةٌ عن
عائلةٍ تجد نفسها تنهار و تتفكك على هامش قصة حبٍ نامية و قصة معاناةٍ لأخٍ مريض ،
و تقوم بروني كما فعلت في فيلميها السابقين بدور البطولة الرئيسي في
شخصيةٍ هي مجدداً انعكاسٌ ذاتي لشخصية بروني ذاتها .
و تستلهم بروني في جزءٍ
من فيلمها محنة شقيقها فيرجيل الذي توفي بالإيدز ، و يبدو العمل و كأنما حقق جزءاً من
غايته بالنظر لحساسية الموضوع الذي يقدمه و التأثر الذي بدى على الجمهور في عرضه
الإفتتاحي ، دون أن يحقق الدوي الذي يترافق عادةً مع الأفلام التي من المتوقع أن
تنافس بقوة على الجوائز الكبرى .
بالمقابل مارس الكوينز
هوايتهما المعتادة و سحروا النقاد و الجمهور على السواء من خلال العرض الإفتتاحي
لفيلمهما المرتقب Inside Llewyn Davis الذي يقوم ببطولته أوسكار إيزاك و كاري موليغان و جاستن تامبرليك ، الشقيقان اللذين جمعا السعفة الذهبية
و جائزة أفضل إخراج عن Barton Fink قبل 22 عاماً يعودان مجدداً إلى المسابقة الرسمية من خلال تتبع اسبوعٍ
في حياة المطرب الشعبي ليولين ديفيز في مرحلةٍ مصيريةٍ من حياته عام 1961 .
و نال الفيلم تصفيقاً
مطولاً و إشادةً واضحةٍ من قبل حضور العرض ، و يبدو أنه ضمن مكانه فعلاً ضمن نخبة
النخبة التي يقدمها المهرجان هذا العام الأمر الذي يسلط الأضواء عليه بقوة حتى
اللحظة الى جوار أفلام هيروكازو كورإيدا و أصغر فرهادي و جيا جانغكي للمنافسة على جوائز التظاهرة الكبرى .
0 تعليقات:
إرسال تعليق