كتب : عماد العذري
بطولة : آنا موريرا ، كارلوتو كوتا
، لورا سوفيرال
إخراج : ميغيل غوميز
ربما هو من قبيل
الصدفة أن تقدّم لي لشبونة البرتغالية للعام الثاني على التوالي واحداً من أفضل
أفلام العام ، كلاهما يشتركان في عالمهما الفريد الذي لا أشاهده كل يوم ، و بينما
كان Mysteries of Lisbon ملحمةً من أربع ساعات في البحث عن الهوية و الأسرار و فك الأحجية ،
يقدّم لنا Tabu شيئاً مختلفاً تماماً ، مختلفاً بطريقةٍ تليق بأغرب بوسترٍ من
نوعه في عام 2012 !!
لم أشاهد شيئاً لميغيل غوميز
من قبل ، نعم حدث و قرات له حوارين صحفيين فيما مضى لكنها المرة الأولى التي
التقي فيها بسينماه بالرغم من أنه لم يقدم فيما مضى سوى عملين فقط ، تجربته الثالث
مهمةٌ بحق ، نالت جائزةً تكريميةً من مهرجان برلين السينمائي العام الماضي ، و وضعته مجلة Sight
and Sound الشهيرة ثانياً في قائمتها لأفضل أفلام العام ( القائمة العشارية
الأكثر بريقاً بالنسبة لي كل عام ) ، هذا كان كافياً تماماً لإشعال الشغف تجاه
مشاهدته ، شاهدته أولاً بنسخةٍ منقوصة حذفت منها مشاهد معدودة اندهشت لحذفها
بالنظر لقلة تأثيرها الدرامي ، ثم شاهدته بنسخةٍ كاملة ، ثم شاهدته مرةً ثالثة ، و
تأكدت تماماً من اقتناعي بأنني أمام واحدٍ من أفضل انتاجات 2012 .
يبدأ ميغيل غوميز فيلمه
الثالث بفصلٍ صغير يتناول من خلالٍ فيلمٍ سينمائي قصة مستكشفٍ برتغاليٍ حزين
يلتهمه الأسى في بعثته الإستكشافية في مجاهل أفريقيا بعدما فقد زوجته الحبيبة ، و
سرعان ما يسلم نفسه للموت بالقاء نفسه في نهرٍ مليءٍ بالتماسيح ، بعدها يقسم الرجل
فيلمه الى قسمين ، في الاول يحكي قصة بيلار ، امرأةٌ برتغالية تقاعدت للتو و تقضي حياتها الجديدة في
بعض الأنشطة الإجتماعية ، و في استقبال بعض الوافدين الأجانب للبلاد و في قصة حبٍ
متأرجحة مع فنانٍ تشكيلي يعشقها بجنون ، و في الإهتمام من حينٍ لآخر بجارتها
العجوز أورورا التي تقيم مع خادمتها السوداء سانتا و تبدد الأموال
التي تحصل عليها من ابنتها الجافية على طاولة القمار ، لكن لتلك العجوز التي تسير
نحو نهايتها قصةٌ تعود لنصف قرن يوم قضت فترةً من حياتها قرب جبل تابو في أفريقيا
، و هناك يكون النصف الثاني من الفيلم .
النص عبقريةٌ سردية ،
واحدٌ من افضل نصوص 2012 ، و عبقريته لا تتوقف عند شكل السرد فحسب ، بل تتوهج في
مضمون ذلك السرد و تبريره ، كما يقول غوميز هو يستلهم روح فيلم إف دبليو مورناو الذي
حمل الإسم ذاته عام 1931 ، لكنه يبدّل في تراتبية فصلي الفيلم ، هو يبدأ – قبل الحكاية
– بالعودة من خلال فيلمٍ سينمائي إلى أفريقيا حيث الحزن المدمر يستولي على ذلك المستكشف و يدفعه
ليضع حداً لحياته في نهر التماسيح ، يندفع بعد ذلك ليصنع في فصله الأول (الفردوس المفقود) محوريةً واضحةً حول بيلار ، نتابعها و نقترب منها كثيراً ، نشعر بالوقت الفائض
الذي اكتسبته بتقاعدها و أصبحت تحتار في تصريفه ، مشهد استقبالها مايا الفتاة
البولندية التي تتهرب منها جميلٌ للغاية ، نستمتع بتأمل نشاطاتها هنا و هناك ،
نقترب أكثر منها و من شعورها السلبي تجاه سانتا خادمة أورورا ، و نشعر بأن العجوز تبقى شيئاً مهماً لجارتها المتعاطفة
، تتدهور الحالة الصحية لأورورا فتطلب من بيلار البحث عن صديقٍ لم يسبق أن ذكرت اسمه من قبل ، عجوز
ايطالي يدعى جيان لوكا فينتورا يحكي لهم عقب رحيل أورورا قصة حبهما يوم
جمعتهما الصدف قبل نصف قرن قرب جبل تابو في أفريقيا ، هنا يصل السرد ذروة عبقريته ، يتماهى إلى
ابعد حد مع الحيلة السردية الأبسط و الأقدم ( الحكاية ) ، في
الحكاية هناك من يحكي ، و هناك من يستمع لما يُحكى ، سيكولوجية الحكاية تعتمد
في جوهرها على تسليم الكلمات لخيال المستمع لتشكيلها بصرياً ، لذلك سرعان ما
يستجيب المستمع لذلك و ينسج الصورة البصرية لتلك الحكاية ، عندما تخبره أن العصفور
يزقزق يستطيع تخيّل ذلك ، عندما تخبره أن الماء يترقرق في الجدول تقفز الصورة إلى
رأسه ، و عندما تخبره أن الرجل ذكر لصديقه أنه سيلتقيه عند تلك الشجرة ستصلك
الفكرة و العبارة دون أن تتخيل اصوات المتكلمين أو ربما دون أن يتذكرهم الراوي
ذاته على اعتبار أنه يحكي قصّته الذاتية هنا ، في الواقع هذا ما يفعله غوميز في
النصف الثاني ، يعود حرفياً للحيلة السردية الأكثر قدماً ، يخلق كل أحاسيس الحكاية
دون استثناء و يجردها من حواراتها ، يجعلك تتذكرها كقصة ، كصور ، كخيالات ، تبحر
فيها كبيئة ، تتلمس أحاسيس شخصياتها ، لكنك لا تتذكر (كراوٍ) و لا تتخيّل (كمتلقٍ)
حوارتها و كلامها ، تماماً كأي حكايةٍ نستمع لها في رأسنا ، يُبقي في روايته صوت الراوي و الموسيقى التصويرية
و المؤثرات الصوتية و أغنيةً أو اثنتين ، يُبقي كل ما يصلنا أو يمكن لباطننا تخيله صوتياً في
الحكاية و يجردها مما لا يمكن تخيله أثناء التتابع السردي لها : أصوات الأبطال و
حواراتهم ، يجعله ذلك يبدو بإمتياز كأنه حلم ، ماضٍ بعيد لا تعلم على وجه الدقة
كيف حدث ، و هل فينتورا يتذكر تماماً على وجه الدقة ما جرى فيه ، الفيلم
مختلفٌ جداً على المستوى السردي ، لا أتذكر أنني شاهدت أو سمعت بعملٍ يجاريه في
فعل ذلك ، هذا عظيمٌ و فعالٌ فوق ما يمكننا تخيله خصوصاً و هو لا يسردُ لنا على
مستوى الحكاية شيئاً استثنائياً ، الحكاية بحد ذاتها هنا لا تمتلك تفرداً أو
جديداً ، لكن آليتها السردية تغنيها و تخلق بيئةً عجيبةً لاحتضانها و تلقيها لدى المشاهد
و تجعل منها شيئاً مهماً و مميزاً بالفعل .
ما يميّز السرد لا
يتوقف هنا ، النص ينتقل بنا مرّتين من المستكشف إلى بيلار و من بيلار إلى أورورا ، دون أن يشعرك بإحساس الرغبة المنقوصة تجاه قصةٍ
غادرتها ، و دون أن يجعل من أي قصةٍ منها مجرد محطة توقف ، ينهي لك قصة المستكشف الذي
وهب حياته لنهر التماسيح لعدم قدرته تحمل حزنه لفقدان محبوبته ، و ينقلك من شاشة
السينما التي تعرض قصته الى بيلار التي تشاهد تلك القصة في صالة السينما ، و قصة بيلار لا تبدو
مجرد محطةٍ عابرة لقصة أورورا ، بيلار شخصيةٌ لها أبعادٌ حقيقية ، بناء متماسك ، و حياةٌ و
واقع ، و هي شخصيةٌ تفتقد في الحقيقة للجزء الجميل – كما تعتقد ربما – الذي ستستمع
اليه لاحقاً في قصة أورورا قبل نصف قرن ، و تسمية القصة الأولى بـ (الفردوس المفقود)
يشير برأيي إلى بيلار أكثر من اشارته للفردوس الذي تعيشه اورورا في القصة
الثانية ، حياة بيلار ليست غنيةً بالرغم من كل محاولاتها ، هناك فجوةٌ في
التركيبة العاطفية لبيلار ، بيلار شخصيةٌ (تهتمَ) فعلاً بكل ما يحيط بها ، تكترث لكل شيء ، هي تريد فعلاً
أن تستقبل الطالبة البولندية التي تتجاهلها بشكلٍ صريح ، نشاهدها تشارك في وقفة
احتجاجٍ ضد الإبادةٍ الجماعية ، تبدي اهتماماً - لا نراه متبادلاً فعلاً - مع
جارتها العجوز ، تبكي في السينما تأثراً بما تشاهد ، و لا تحاول أن تجرح من يحبها
تقديراً لكم المشاعر التي يحملها لها ، تهتم بإقتصاد بلادها ، و بمحاربة الفقر ، و
بحقوق الإنسان ، و مكافحة التهريب ، تهتم بإيصال هديةٍ للطالبة البولندية التي ادّعت
أنها عجزت عن القدوم الى لشبونة ، هي تهتم كثيراً بالآخر و مع ذلك هي عاجزة عن صنع
تواصل انساني أو روابط انسانية حقيقية مع عالمها بالرغم من رغبتها بذلك ، عاجزةٌ بالرغم من كل اهتمامها و شغفها بما يحيط
بها عن خلق فردوسها ، ثم ينقلنا النص بعد ذلك إلى نصفه الثاني ، (الفردوس) ،
لنعيش قصة أورورا و فينتورا كما حدثت قبل نصف قرن ، أو بمعنى أدق كما يتذكرها فينتورا
العجوز ، يعيد النص صورة التمساح مجدداً ، و التمساح وفقاً لما أعرف هو رمزٌ
متداولٌ للوقت و الروح و الديمومة و الخلود ، للتعبير عن (الزمنية) في
الأشياء ، لا أدري على وجه الدقة متى بدأت تلك الرمزية لكنني تعرضت لها أول مرة
عندما قرأت بيتر بان و أشك أنها بدأت عنده ، و هو هنا في قصة الحب هذه تعبيرٌ
عن الزمنية و الديمومة في الحب ، في قصة أورورا و فينتورا كان (التمساح) هو شرارة العلاقة ، بدأ صغيراً و ترعرع و عاش مع قصة
الحب ، ثم بقي وحيداً في المنزل عند انفصالهما ، ثم قضى على المستكشف المكلوم
بالحب في قصة البداية ، (الزمن) الذي تتغلغل فيه قصة الحب و تستحوذ فيه على الروح ، كل
الروح ، لدرجةٍ لا يبقى فيه متسعٌ لأي شيءٍ آخر فيفتك بنا حينها ، حبٌ لم ينهزم و لم يدفن كما
يعترف فينتورا ، تخبره أورورا في رسالتها بأن (المرأة التي أحببت سقطت ميتة)
بينما يغادر التمساح (الذي صار يافعاً) الكادر في خلفية الخطاب ، و مستكشفٌ عاشق
لم يستطع التأقلم مع حبه الكبير لزوجته الراحلة فيسلم نفسه للتمساح (تمساحٌ
كبير في هذه القصة) الذي نراه قابعاً هناك بعد رحيل المستكشف و كأنما هو
ذاكرة ذلك الحب و ديمومته ، النص ذكي جداً في رمزيته و لا يخطىء في ربط القصتين
كلٌ بتمساحها الخاص ، ذكاءه لا يتوقف هنا بل يستمر في تجسيده صورة الفردوس الذي
تقدمها قصة أورورا ، في هذه القصة تتجلى صورة الفردوس في الإنغمار
الكلي لبطلي القصة في رغبتهما الشخصية و فيما يحبان القيام به (غير مهتمين)
بالخلفية السياسية و الزمانية لبيئة المستعمر التي تحتويهم ، تبدو الصورة و كأنما
تصر على الإهتمام بتفاصيل تلك الخلفية و تخنق المكان من خلالها لكنها تبقيها
بعيدةً عن (اهتمام) العاشقين ، لا تبدو تلك الخلفية و كأنما تعنيهما في
شيء ، نراهم يسلّمون أنفسهم للرغبة ، ثم للمحظور ، ثم للخوف ، لكنهم مع ذلك يصنعون
فردوسهم الذي سيتذكرونه طوال حياتهم ، هذا اختلاف أورورا الذي
يربطها بقصة بيلار و فردوسها المفقود ، بيلار التي (تهتم) و (تكترث) و (تبالي) بما يحيط بها على حساب احساسها بذاتها و رغباتها الخاصة
، في شبابها حصلت أورورا على فردوسها الخاص ، بينما لم تعثر عليه بيلار في كبرها ،
تبدو و كأنما ستكمل حياتها دون هدف ، دون حياةٍ خاصة أو أبناء أو حبيب أو قيمة
حقيقية ، الفردوس كما يراه النص هو وجهة نظرٍ آنية تجاه ذاتنا ، لا تجده
بيلار ، بينما تعيش أورورا العجوز على أطلاله ، تتذكره - كما يتذكره فينتورا - (فردوساً) ، مع
أننا لا نراه كذلك في الصورة المروية ، النص عظيم على هذا الصعيد ، و تراتبيته
مقصودة ، هو يجب أن يرينا حياة بيلار أولاً و ما فقد فيها كي نقدّر قيمة المغامرة التي عاشتها
أورورا ، يبدو هذا فعالاً و عظيماً قياساً لما لو تم ترتيب
الفيلم زمنياً.
النص ممتازٌ على أكثر
من صعيد ، مزيجُ الدراما و المغامرة و الرومانس و التراجيديا يستحق رفع القبعة ، نراه يقف على أعتاب الميلودراما و
لا يصلها ، يقف على أعتاب التراجيديا و لا ينزلق فيها ، و يقف على اعتاب فيلم المغامرة دون
أن يبدو كذلك ، هذا فاتنٌ جداً ، الطريقة التي ينجح بها في خلق المشترك بين المشاهد و الجار و خلق
اهتمامٍ حقيقيٍ تجاهه ثم ينزلق بيسر ليسرد قصةً جميلةً عن جاره دون
العودة اليه مجدداً تثير الدهشة ، هو لا يجعلنا نرغب أساساً بالعودة للقصة
المعاصرة ، يقول كل شيء ، و يقوم بإغلاقه و يمضي ، سينما حقيقية هنا .
في الصورة يجاري غوميز تماماً
نصه و يمنح هويته البصرية التي يستحق ، ينتقل بنا من تصويرٍ بالأبيض و الاسود أكثر
إشباعاً و غنى في الجزء الأول ، إلى آخر أقل اشباعاً في القصة الثانية ، و هو ليس
مجرد أبيضٍ و أسود ، عين الكاميرا فاتنةٌ هنا ، تثبت فتنتها في أكثر من مناسبة : احساس
الحركة الجميل الذي يخلق بالكاميرا الثابتة في المشهد الجميل لحلم أورورا في الكازينو
في النصف الأول ، كادراته البديعة التي توثق فتنة المكان و وحشته معاً ، المطر
المنساب – و ليس المتساقط – على عدسة الكاميرا ، التصوير الداخلي و علاقته بالضوء
المنسل عبر النوافذ ، و التصوير عبر كاميرا الزوج ، تفاصيل تناثرت و و دعمت الشخصية البصرية الواضحة للفيلم ضمن منظومة الأبيض و الأسود التي يتبناها ، ذكرني كثيرة
بخصوصية الصورة لدى الكندي غاي مادين ، و مع أنه يحاول اعطاءنا بعض الإحساس بتحية الأفلام
الصامتة أو أفلام الأبيض و الأسود عموماً إلا أنه يبقى بعيداً عن التحول لمحاكاةٍ
لها بدافع التحية على اعتبار انه يستخدم المسألة هنا في صميم قيمة عمله عن الذاكرة و الزمن ،
يبقيها وسيلة و أداةً فعالةً من أدواته تضرب في عمق قصتيه ، و احساس الوحشة و البعد و الإغتراب الذي
يخلقه من خلال ذلك النهج صادقُ جداً أكثر من أي فيلمٍ آخر مشابه عن قصص التجارب الحياتية في مجاهل أفريقيا ، أكثر من I Dreamed of Africa أو The Snows of Kilimanjaro أو حتى Out of Africa ، و هذه الخلفية بالرغم من غناها بالتفاصيل الا أنها ثقيلةٌ على البصر
و هذا جزءٌ من تأكيد قيمة الفردوس كقيمةٍ ذاتيةٍ نابعةٍ من أورورا و ليس من حقيقة جمال المكان الذي كانت تعيش فيه ، تفاصيل الصورة تغنيه و تزيد من وحشته على هذا الصعيد
، حيث رحلات الصيد و المجاميع الأفريقية و حرارة الجو التي تكاد تنطق في الصورة ،
هذا معمولٌ جداً من غوميز و لا يمكن الإلتفاف عليه ، و هو لا يكتفي به بل ينجح في
توليفه أيضاً مع الشعور بعدم التعاطف الذي يستخرجه من مشاهده ، أنت تتابع و تهتم
لكنك لا تتعاطف ، ينجح الى حدٍ ما في خلق مبرراتٍ عاطفيةٍ و نفسيةٍ تدفعهما بإتجاه
بعضهما البعض – و أحياناً بإشاراتٍ جنسيةٍ صريحة – ليضع الإطار العام لتلك العلاقة
، بما فيها من غربة و وحشة و عاطفة و رغبة و حاجة و خوف ، شعور بطليه بالخطيئة و الترقب و القلق يصلك دون حواجز و
دون تعاطفٍ ايضاً ، و احساسك الداخلي بأن هذه القصة ستنتهي و لا يجب ان تستمر يصلك
و تتفهمه بسهولة ، دون أن نغفل الدعم الذي يحظى به على هذا الصعيد من أدائين
ممتازين قدمهما كارلوتو كوتا و آنا مورييرا في الدورين الرئيسيين للقصة الثانية .
فيلم Tabu فيلمٌ ذو مزاجٍ عالٍ ، ذو
خصوصية لا يمكن انكارها ، صحيح أنه يبدو شاعرياً جداً في نصفه الثاني بتأثير صوت
الراوي و آلية القاءه الشعرية الصارخة التي تتعارض من وجهة نظري مع آلية السرد الإستذكاري
لشخصٍ حزينٍ على محبوبته القديمة التي رحلت للتو و الذي يحاول استرجاعٍ ماضٍ جميلٍ
و مرعبٍ عاشه معها قبل نصف قرن ، هو يبدو شاعرياً في حكايته بالرغم من أن ذلك
يعارضها ظرفياً ، و إن كان غوميز يوظف ذلك إلى حدٍ ما في دعم صورة الحلم التي يستدعيها و يسخّر
لها الصورة الموحشة و الحوار المستأصل لتبدو كما بدت عليه ، بالنتيجة Tabu واحدٌ من أفضل أفلام
العام ، لا شك عندي في ذلك .
التقييم من 10 : 9
0 تعليقات:
إرسال تعليق