واصل مهرجان كان السينمائي الدولي فعاليات دورته الخامسة و الستين بعروضٍ
أخرى ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان و التي يشارك فيها هذا العام 22 فيلماً ، و
يبدو أن حضور المهرجان عاشوا يوماً مميزاً مع الجو العاصف و الماطر الذي ضرب
المدينة و جعل ارتياد الأماكن المغلقة – و منها صالات العرض – خياراً جيداً لقضاء
بعض الوقت.
ضمن المسابقة الرسمية استمر عرض الفيلم الجديد للمخرج الأسترالي
الممدوح جون
هيلكوت Lawless
و الذي يدير فيه النجوم شيا ليبوف و توم هاردي و جيسيكا تشاستين و مايا وايسكوفسكا
إلى جوار شريك نجاحيه الشهيرين في The Proposition
و The Road غاي بيرس .
و يتناول الفيلم قصة ثلاثة أشقاء من مهربي الخمور في احدى ضواحي ولاية
فرجينيا إبان فترة الحظر في عشرينيات و ثلاثينيات القرن
الماضي تنقلب حياتهم الناجحة رأساً على عقب مع وصول أنباء سيئةٍ من شيكاغو : ضابط
حازم يرسل إلى المنطقة لتنفيذ الحظر ( يؤديه غاي بيرس في قصّة شعر مفروقة
وصفت بأنها واحدةٌ من الأرعب في السينما المعاصرة !! ).
و استند الفيلم ضمنياً إلى القصة الحقيقية للأخوين بوندورانت، و كتب
سيناريو الفيلم السيناريست و الموسيقار نيك كيف الذي قال في المؤتمر الصحفي عقب العرض
بأن مادة الفيلم جذبت إهتمامه بفعل مزيج العاطفة و العنف الذي تقدمه ، في حين راوغ
نجما الفيلم توم هاردي و شيا ليبوف الرد عن سؤالٍ تناول حظر الخمور و المخدرات اسقاطاً
على الفترة الطويلة التي خاضاها سابقاً في معركة التخلص من الإدمان.
و إنقسم النقاد الذين تواجدوا في العرض بين إعجابٍ للمزيج الذي يصنعه
الفيلم بين الجوانب العاطفية لأبطاله و بين الجانب العنيف في شخصياتهم ، و انتقادٍ
واضح للتجويف الذي خلقه الإنتقال في الفيلم بين هذين الجانبين إلى درجةٍ صنعت
عملاً خالياً من الروح و بعيداً عن العمق و الغنى المفترضين فيه .
في Amour
، الفيلم الجديد للمخرج النمساوي المرموق مايكل هانكه ، واصل الرجل ألعابه التي يجيدها
جيداً ، السرد القصصي البديع و الصورة التي تجسد فن السينما في أجمل صوره
التعبيرية ، فيلم هانكه الجديد حقق استقبالاً جماهيرياً جيداً في عروضه في كان ،
على الرغم من بعض الإنتقادات الصريحة التي وجهت له و انصبت بشكلٍ اساسيٍ حول بعض
الإفتعالية التي اعترته .
في الفيلم الذي يدير فيه هانكه النجمين جان لوي ترينتينان و إيمانويل ريفا
تُسرد علينا قصة جورج و آن ، زوجان فرنسيان يعيشان حياةً مثاليةً يغمرها الحب ،
نشاهدهما في بدايات الفيلم في حضور حفلٍ موسيقيٍ لأحد طلاب آن ، نرى السعادة كما
يصورها هانكه
في عيني الزوجين ، الأمور تسوء ، تصاب آن بجلطة تجعلها تقضي أيامها على الكرسي
المتحرك ، مع سريرٍ خاص صمم لها في منزلها للتأقلم مع حالتها ، و مع أن عزيمتها لا
تخور و تصر على استعادة الحياة في جسدها إلى أن أمور الزوجين تسوء بشدة عندما تحدث
جلطةٌ أخرى تبقيها مقعدةً للأبد و تحيل حياتهما إلى جحيم .
و يبدو أن الفيلم ضرب جمهوره في الصميم ، ربما بسبب معالجته الحساسة
لحبكة الحب في إنتظار الموت ، حيث يكثف سبره - على نهج هانكه المعتاد - في دواخل آنا التي
تنقسم بين خوفها من اختيارها أن تكون عبئاً على زوجها الذي يرعاها في منزلهما أو
أن تكمل ما تبقى من حياتها راقدةً في مستشفى ، بينما يراقب هانكه
الزوج جورج الذي يحتفظ بكل رباطة جأشه و مزاجه العالي و هو يراقب حالة زوجته ، و
كأنما يرى هانكه بأن الحب هو ما ينتصر في النهاية حتى بالرغم من دهشة إبنتهم
إيفا ( تؤديها النجمة إيزابيل هوبير ) من كل ما يحدث أمامها و تعجز عن
استيعابه و فهمه .
و بوجود أداء وصف بأنه مفرط الصدق و الحقيقية من إيمانويل ريفا
في دور آن يُستفز الممثل الكبير جان لوي ترينتينان على الرد بأداءٍ جعل هذه الثنائية
المباراة الأدائية الأجمل التي قدمها المهرجان حتى هذه اللحظة ، و ربما مشاهدة
ممثلين مهمين يترجمان كل تلك العاطفة التي جمعت زوجين عاشقين على مدى عقود يعيشان
الآن الإختبار الأصعب في حياتهما تحت إدارة مخرجٍ بحنكة مايكل هانكه ، هذا وحده كفيلٌ
بأن يجعل Amour
واحداً من أهم أعمال المهرجان في دورته الحالية .
0 تعليقات:
إرسال تعليق