كتب : عماد
العذري
على الصعيد الشخصي كان عاماً حافلاً
بالأحداث ، ربما قد يكون العام الأكثر خلوداً في ذاكرتي الشخصية ، على الصعيد
السينمائي يبدو الوضع مختلفاً قليلاً ، فعلى الرغم من أن العام قدم عدداً لا بأس
به من الأفلام الجيدة ، و عدداً جيداً من الروائع ، إلا أنه خلا من الفيلم المعلم
الذي يلتصق إسمه بذكرى العام مع مرور السنين و الأجيال ، الأمر ذاته انعكس ربما
على المشاهد السينمائية ، فعلى الرغم من كثرة الجيد منها إلا أن معظم ذلك الجيد
كان متقارباً في أهميته و قيمته و بعيداً عن أن يكون خالداً بحق بمرور السنوات و
تلاحق العقود.
أستعرض هنا – كعادتي – المشاهد العشرين التي راقتني أكثر من سواها خلال العام المنصرم ، إختيارها قائم فقط على التفضيل الشخصي بعيداً عن أي إعتباراتٍ أخرى تتعلق بقيمة العمل أو قربه من نفسي ، أؤكد على أن مشاهداتي لأفلام العام المهمة لم تكتمل بعد و سأقوم بتحديث القائمة إن لزم الأمر ، و أذكّر القاريء كالعادة بأن معظم تلك المشاهد هي مفاصل مهمة في أفلامها و يفضل عدم القراءة عنها لمن لم يشاهد تلك الأعمال .
أستعرض هنا – كعادتي – المشاهد العشرين التي راقتني أكثر من سواها خلال العام المنصرم ، إختيارها قائم فقط على التفضيل الشخصي بعيداً عن أي إعتباراتٍ أخرى تتعلق بقيمة العمل أو قربه من نفسي ، أؤكد على أن مشاهداتي لأفلام العام المهمة لم تكتمل بعد و سأقوم بتحديث القائمة إن لزم الأمر ، و أذكّر القاريء كالعادة بأن معظم تلك المشاهد هي مفاصل مهمة في أفلامها و يفضل عدم القراءة عنها لمن لم يشاهد تلك الأعمال .
أفضل 20 مشهداً سينمائياً لعام
2011
20
مشهد The
Battle
من فيلم 13 Assassins
على الرغم من أنني لم أقدر الفيلم بالطريقة
التي ذهب إليها الكثير من المشاهدين غيري إلا أنني أعجبت به في أكثر من موضع ،
الفيلم يتألف من نصفين كحال معظم الأفلام المشابهة ، النصف الأول يتضمن التعريف
بالمهمة و تجميع الأفراد المكلّفين بتنفيذها و النصف الثاني يتضمن المهمة ذاتها و
الفيلم لا يخرج عن هذا الإطار التقليدي ، ما كان يمكن أن يجعله مميزاً هي المرحلة
التي يؤسس فيها بنجاح للمهمة الإنسانية التي سيقوم بها شيمدا و رفاقه ، الطريقة التي يهيئك فيها النص
لتشكيل رد فعلٍ سلبيٍ قوي تجاه اللورد ناريتسوغو من خلال 3 مشاهد ممتازة ترسم
الصورة السادية التي هو عليها في التعامل مع من يحيطون به ، عدا ذلك لا يقدم
الفيلم الكثير على صعيد العمق الداخلي لشخصياته بالرغم من جمال الصورة التي تبلغ
ذروتها في مشهد المعركة ، أكثر من أربعين دقيقة من الأكشن قد لا تعنيني لولا أن تاكاشي ميكي يصنعها بولاء عظيم
لروح The Seven Samurai حيث ينقلنا من مقاعد المتفرجين ليجعلنا
نشعر بتفاصيل المكان ، و نتفهم الطريقة التي يفكر به محاربو شيمدا ، نلتقط التفاصيل معهم و
نستوعب الطريقة التي سيتعاملون فيها مع خصمهم ، ثم نعيش معهم متواليةً لا تهدأ من
القتل الذي لا يتوقف ويستمر و يستمر حتى يشعرك بالتخمة.
19
مشهد Snape'
Story من فيلم Harry
Potter and The Deathly Hollows Part II
إلى مدىً بعيد من أحداث السلسلة تبدو هناك
حلقةٌ مفقودةٌ تخص العلاقة بين سيفروس
و دمبلدور و هاري ، منشأ العلاقة التي تشكلت
بين دمبلدور كبير سحرة هوغوارتز سابقاً و هاري بوتر الطالب الجديد ذو
الموهبة السحرية الفذة ، قبل أن يقتل دمبلدور على يد الأستاذ سيفروس سنيب
الذي أصبح لاحقاً المدير الجديد للمدرسة ، هذه الحلقة الواسعة من الغموض تتلاشى في
هذا المشهد الذي يرسم لنا ما الذي يعنيه هاري بالنسبة لسيفروس
و ما الذي كان يشكّله بالنسبة لمعلمه دمبلدور ، كيف نشأ الفتى كخروف يعدّه جزاروه ليذبح في يومٍ من
الأيام كي يهب الموت لملك الظلام اللورد فولديمورت ، يبدو المشهد في بعض تفاصيله أشبه بعرضٍ دعائيٍ فاتن للسلسلة
كلها قرب نهايتها ، و يبدو هاري
بوتر بالنسبة لنا أضحيةً لا بد أن نفقدها كي تنتهي أسطورة فولديمورت التي طاردها الرفاق
على مدى عقدٍ بأكمله ، كل عام يتبقي في ذاكرتي مشهدٌ من الفيلم الجديد للسلسلة ،
هذا العام كان هذا المشهد .
18
مشهد Hemingway من فيلم Midnight
in Paris
أجمل مافي المشهد انك لا تتفاجأ في البداية
– كما هو حال البطل جيل - عند ذكر إسم سكوت فيتزجيرالد ، ربما لأن جيل يفسر الفكرة منطقياً من منظور تطابق
الأسماء ، لكنك تندهش – كحال جيل – عندما تلتقي إرنست همنغواي ، نعم ذاته ، أعظم كاتبٍ في تاريخ
الأدب الأميركي كما يعتبره الكثيرون ، في هذا المشهد يبدأ تواصلنا الذهني مع ما
يود وودي آلن ( المجسّد
هنا كالعادة في شخصية البطل جيل ) أن يقوله أو يصوّره لنا ، ليس فقط عن علاقة
الوله الفريدة التي يحملها السيناريست و المخرج الأسطوري تجاه مدينة النور و التي يبدو هنا و كأنما انتظر كثيراً
كي يقدم عملاً يتناولها ، بل أيضاً علاقة الوله التي تسيطر عليه تجاه مجموعةٍ من
أعظم ملهميه ، جيل يجلس مع همنغواي
، وهناك نشعر بكل الحنين الذي يحمله وودي للرجل ، على الرغم من أن جميع أفلام وودي تستلهم الكثير من خصوصية وودي آلن ، إلا ان مقدار
الحنين الذي تشاهده هنا قد لا تشاهده إلا نادراً في بقية افلام الرجل .
17
مشهد Don’t
be Afraid
من فيلم Arriety The Borrower
لا أخفيكم بأنني أعشق أستديو غيبلي عندما يقف هاياو مايازاكي – ولا أحد غيره
– وراء أعماله ، عملي غيبلي
هذا العام أخرجه هيروماسا
يونيبياشي و إكتفى مايازاكي
فقط بدور الكاتب ، الفيلم الجديد كان جميلاً ، صحيح أنه إفتقر إلى حدٍ بعيد
للإشباع الذي إعتدته من ميازاكي
لكنه كان إضافةً ذات قيمةٍ للأستديو الرسومي الشهير ، في هذا المشهد ينكسر الحاجز
بين أرايتي المستعيرة و
بين الفتى شو الذي يقيم
في المنزل الآن ، أرايتي
التي تغمرها السعادة بمهمة الإستعارة الأولى تجد نفسها وجهاً لوجه أمام شو الذي أدرك منذ اليوم الأول
لقدومه بأنه لا يعيش لوحده في هذا المنزل ، الآن لم يعد ذلك مجرد إحساس ولّده
رؤيتها تتوارى ضمن الأعشاب عند قدومه ، أرايتي تقطن معه في ذات المنزل ، و تسمعه الآن و هو يخاطبها ، و مع
أنه يصر على طمأنتها تجاهه أكثر من مرة ، إلا أن أيام النعيم بالنسبة لأرايتي و عائلتها قد ولّت
للأبد ، أحببته .
16
مشهد No من فيلم Raise of The Planet of The Apes
ربما في ظروفٍ أخرى كنت اعتبرته مشهداً
مهماً و كفى ، لكنه في ذروة الربيع العربي كان مشهداً مختلفاً على الرغم من عدم
وجود أي علاقةٍ بين الأمرين ، لكنه بالرغم من ذلك لامسني من هذا المنظور تحديداً ،
كايزر منح الفرصة ليوسع
من مداركه ، منح القدرة ليكبر عقله و ليتسع ذهنه أكبر مما كان يمكن أن يعتقد
سجانوه ، و عندما أدرك أن عقله قد تحرر قرر أن يحرر جسده المرتهن و يحرر بقية
القرود العبيد المحتجزة معه ، ثورة كايزر وجدت صدى لدى المحيطين به ، لكنه بقي قرداً في نظر سجانيه ، لاحقاً
يحول كايزر و رفاقه معركتهم المصيرية عند الجسر المعلق إلى ما يشبه ساحةً من ساحات
وميادين الحرية و التحرير التي انتشرت في 2011 ، و في هذه المشهد السابق
بالذات يدرك كل من يحيط به ، رفاقه و سجانوه ، أن عقل كايزر نمى إلى درجة لم تكن تخطر ببال أحد و لم يعد
من الممكن الوقوف في وجهها ، و عندما يتكلم كايزر للمرة الأولى ينطق ذات الكلمة التي خرج من
أجلها ملايين العرب في عام 2011 ، (كايزر القرد بيقول لأ) .
15
مشهد The
Big Reveal من فيلم The
Skin I Live In
على الرغم من أنك تبدأ فيلم بيدرو ألمودوبار الأخير و تنهيه ضمن الإطار ذاته ، إلا أنك تتوه في
الثلث الأول من الفيلم محاولاً إيجاد علاقةٍ تربط عمل أخصائي الجراحة التجميلية روبرت
ليدجارد و زوجته
الراحلة و إبنته المنتحرة و تلك الشابة التي يبقيها حبيسة منزله و يراقبها عبر
كاميراتٍ زرعت في حجرتها ، ربما لم يمارس ألمودوبار هوايته في إستفزاز المشاهد بهذه الطريقة من قبل ، بعد
سبعين دقيقةً من الفيلم تبدأ مهمة روبرت مع فينسنت ، و بعد عشر دقائق تنتهي لكنها تكون كافيةً تماماً
لتدرك حجم الحقد و درجة البغض التي حملها روبرت تجاه فينسنت و إلى أي مدى يمكن أن يذهب في ترجمة ذلك الحقد على
أرض الواقع ، من واقع معرفتى بألمودوبار و سينما ألمودوبار أعتقد أن الرجل كان يتوق منذ زمن لفيلمٍ من هذه
الشاكلة ، و لمشهدٍ من هذا النوع .
14
مشهد Karla من فيلم Tinker
Tailor Soldier Spy
قبل هذا المشهد من فيلم توماس ألفريدسن كان جورج سمايلي عميل مكتب
الإستخبارات البريطاني ( السيرك
) مجرد (شيء) أو (وجود) ولم يكن شخصاً بالمرة ، كان شيئاً تراقبه و تتأمله ، يحمل
معطفه المطري و نبرة صوته الباردة ، يجلس ، يراقب ، يناقش ، يذهب و يعود ، يستمع ،
و يفكر ، جميعها وفقاً لردود فعل ، قد تستمتع وأنت تشاهده في ردود الفعل تلك ، لكنك
في هذا المشهد و بعد قرابة ساعةٍ كاملةٍ من المشاهدة تشعر بأن جورج سمايلي شخصٌ من لحمٍ و دم
، يجلس مع زميله بيتر غويلم
ليحكي له قصة فشله الأعظم ، عندما التقى الجاسوس السوفييتي كارلا ، هنا يستريح
ألفريدسن من لعبة القط و الفار و الفلاش باك و ترتيب الأحجية و يسلّم المشهد بأكمله
على مدى خمس دقائق لغاري
أولدمان الذي يشعرنا
لأول مرة بحقيقية جورج سمايلي ، مشهدٌ أعجبني من
فيلمٍ لم أتصالح مع بعض جزئياته .
13
مشهد Oh My
Love من فيلم Drive
أحببت كثيراً هذا المشهد ، لو تركتم الأمر
لي لمنحت نيكولاس فينديغ
ريفن ترشيحاً لأوسكار
أفضل إخراج على حساب أليكساندر
باين ، ليس تقليلاً من قيمة الثاني و إنما تقديراً للعمل الإخراجي الكبير
الذي أداه الدنماركي الشاب في فيلمه هذا ، هذا الفيلم هو مثالٌ يسهل تذكّره على
النتيجة التي نحصل عليها عندما يقع نص تقليدي في يد مخرجٍ مختلف ، كل لوحات الفيلم
تقريباً تشعر معها بمذاق خاص ابتكره النفس الإخراجي العالي للمخرج الفائز بجائزة
أفضل إخراج من مهرجان كان
السينمائي الدولي ، في هذا المشهد يجلس درايفر في سيارته للحظات أمام ذلك المطعم الذي
يمتلكه نينو ، ثم يرتدي قناع
الدوبلير و يقترب بسكون على انغام Oh My Love من باب المطعم ، يتأمل
ضحكات نينو التي تملأ
المكان ثم يعود لينتظره و يوصله - بطريقته التي لا يعرف سواها - إلى مصيره المحتوم
، رائع .
12
مشهد The Lions
Club من فيلم Take
Shelter
هناك أكثر من مشهدٍ في هذا الفيلم يستحق
الإشادة منها أيضاً مشهد الختام ، بعد ساعةٍ و نصف تقريباً من إحساسنا بالوضع
الذهني الذي يزداد تعقيداً لدى بطل الفيلم كورتيز ، تصر زوجته على الذهاب إلى حفل العشاء في نادي الليونز و هي فكرةٌ لا
يحبذها الرجل ربما لكثرة من قد يزعجهم تواجده بالنظر لتصرفاته المريبة مؤخراً ، و
عندما يضربه صديقه ديوارت
كرد فعلٍ على مافعله به ، ينفجر كورتيز
الهاديء لأول مرة ، يقلب الحفل رأساً على عقب ، ما أعجبني في المشهد هو التناقض
الذي يصنعه ، فعلى الرغم من أنه يصور كورتيز في أعلى حالات جنونه و في أسوأ وضعٍ وصلت له حالته الذهنية ،
لكننا لأول مرة منذ بداية أحداث الفيلم نفكر جدياً في صدق ما يقول ، لأول مرة نشعر
بأن الرجل إمتلك إحساس بعض الحيوانات بقرب البلاء الذي لن يبقي ولن يذر ، هذا
التناقض الذي يولّده المشهد في المتلقي أقدّره جداً ، تماماً كما أقدّر الأداء
الذي يستحق الإشادة من مايكل
شانون ، و العمل الإخراجي المحترم الذي قدمه الشاب جيف نيكولز في ثاني فيلمٍ في مسيرته .
11
مشهد An
Unknown Woman
من فيلم Shame
أعتقد بأن ستيف ماكوين كخامةٍ إخراجية يمكن أن يصبح واحداً من
أعظم المخرجين السود على الإطلاق ، في فيلمه الثاني – والذي يدير فيه أيضاً النجم
الألماني مايكل فاسبندر –
يتناول الرجل الجنس عندما يتحول من حاجة أو غريزة ليصبح هدفاً أو هوساً ، النص
عانى من الكثير من المشاكل خصوصاً في وضع حدودٍ واضحةٍ للعلاقة التي يرسمها بين براندون وشقيقته سيسي ، لكن ستيف ماكوين كان الركن الأصلب
في إبقاء هذا النص – على الرغم من ثغراته – قيّماً و يستحق المشاهدة ، هذا المشهد الذي
يستمر لدقيقتين يحكي الحكاية كلها ، يجلس براندون في الميترو ، في الجهة المقابلة
تجلس إمرأةٌ نعرف أنها متزوجة من خاتمٍ في يدها ، يثبّت براندون نظره على المرأة التي لفتت إنتباهه ، فتشتعل
هي في الطرف الآخر حاجةً و رغبة ، مشهدٌ يختزل براندون كثيراً ، الهوس ، و الرغبة ، و الحاجة للتواصل
مع الآخر ، و الإنفتان تجاه المجهول حتى لو كان خطراً ، في الختام ينزل الإثنان من
الميترو ، تضيع المرأة في الزحام ، و يستمر براندون في قلقه و بحثه الذي لا يتوقف .
10
مشهد The Darkness
من فيلم The Turin Horse
واحد من أعظم المشاهد الإختزالية التي
قدمها هذا العام ، كل شيء في فيلم المجري العظيم بيلا تار موجودٌ هنا ، يتناول هذا الفيلم ذلك النوع
من الشخصيات الراضخة ، اليائسة ، المداهنة ، شخصيات هذا العمل تقوم فقط بما تعتقد
أنها مسخّرةٌ له ، لا أكثر و لا أقل ، نظام حياتها يسير برتابةٍ لا توصف ، نعايش
حياتها أثناء فترة العاصفة التي تضرب البلدة ، تجلس هناك و تنتظر ، تنتظر التغيير
في حياتها ، لكنه لا يأتي ، عند النهاية و في اللوحة قبل الأخيرة من العمل يقول
بيلا تار الكثير ، ينطفيء القنديل بالرغم من إمتلائه بالزيت ، لا تفهم الشخصيات ما
حدث ، تحاول أكثر من مرة تجنب ألا يحدث ، لكنها في الختام ترضخ ، وعندما ينطفيء
الموقد أيضاً تقتنع بأن الظلام هو رفيقها هذه الليلة ، تأوي الى النوم على أمل أن
تتغير الأمور في الصباح ، لكننا ندرك - في اللوحة التالية مباشرةً - بأن شيئاً لن يختلف عن الأيام الخمسة التي
قضيناها معها ، فيلمٌ عظيم ولوحاتٌ للذاكرة .
9
مشهد The
Kitchen من فيلم The Ides of March
لا أدري لماذا أحب جورج كلوني في مشاهد المواجهات الثنائية ، على
مدى مسيرته أستطيع أن أعد عشرة مشاهد جميلة كهذا المشهد ، أو كمشهد مواجهته لعشيق
زوجته في The Descendants أيضاً ، مع بداية المشهد إبتسمت ، رأيت جورج كلوني يغازل أفلام النوار
في اكثر من مناسبة ، لكنه في هذا المشهد يعترف لها بحبه ! ، في المشهد مواجهةٌ
مرتقبة بين الحاكم مايك موريس
و ستيفن مايرز الموظف
المطرود من حملته الإنتخابية ، إختيار المطبخ مكاناً للقاء لا يبدو عبثياً بالمرة
على إعتبار أن كلمة مطبخ
كثيراً ما تقترن بكلمة سياسة
و بألعابها القذرة ، الإخراج الفني و التصوير يؤديان دورهما بإمتياز في ولاء واضح
لمواجهاتٍ مماثلةٍ في أفلام النوار العظيمة ، حيث الوجوه المحتجبة و الضوء المنسل
بالقطارة ، و المعاطف الطويلة ، و الكلام الواثق ، و الأسرار ، و ممثلان مقتدران
يديران اللعبة الحوارية ، هذا واحدٌ من المشاهد التي أعدتها أكثر من مرة هذا العام
فقط من أجل أن أستمتع .
8
مشهد Trade
Deadline من فيلم Moneyball
من المشاهد التي راقتني ولاتزال كلما تذكرت
هذا الفيلم ، في هذا المشهد يجلس بيلي
بين المدير الرياضي لنادي أوكلاند
أثليتيكس للبيسبول مع
مساعده بيتر براند في
مكتب بيلي ، يحاولان
الوصول إلى حلٍ لمعضلة النقص التي يعانيها الفريق على مستوى اللاعبين في ضل شحة
الإمكانيات المادية ، يحاولان البحث عن عقودٍ تتناسب و الميزانية الموضوعة بين
أيديهم ، في مزج عجيب تتداخل الطريقة التي يفهم بها الرجلان هذه اللعبة ، الطريقة
الرقمية الفجة التي يمثلها بيتر
براند ، و طريقة بيلي
بين التي تعتمد على الأحاسيس النابعة من خبرةٍ واسعة و باعٍ طويلٍ في
المهنة ، يجلسون هناك ، و يجلس المشاهد هنا ليتأملهم و يستمتع بهذا المزيج الذي
يشاهده ، مشهدٌ لا يهدأ بفعل ثورة الأدرينالين التي يضخها براد بيت في بيلي بين الذي يحاول إدراك الوقت قبل إغلاق فترة
الإنتقالات ، في ست دقائق من المتعة .
7
مشهدRevenge من فيلم The
Girl With The Dragon Tattoo
أحد الأمور التي أخذتها على العمل
السينمائي السويدي هو أنني لم أشعر معه بنبرة الجنون التي شعرتها في هذا المشهد عندما
قرأت الرواية ، و على الرغم من أن عمل ديفيد فينشر الجديد لا يتفوق على العمل السويدي على صعيد تقمص البيئة
و الشخصيات ، لكنه يبزّه على مستوى العمق الداخلي لشخصية ليزبيت سالندر ، إحدى أشهر الشخصيات النسائية التي
قدمها الأدب المعاصر ، نبرة الجنون التي تعتمل ليزبيت سالندر أثناء تحقيقها إنتقامها من الرجل الذي
حولها إلى وعاءٍ لقذارته و عفنه شعرت بها أفضل بكثير في مشهد الإنتقام الذي يقدمه ديفيد فينشر ، من قرأ الرواية
يعلم جيداً أن عمقها الحقيقي – الذي لامسه العملان السينمائيان بمقدارٍ متفاوت –
يكمن في تصوير إنعكاسات و تبعات العنف ضد المرأة ، الرواية – بل و ثلاثية الألفية
كلها – تنضح بذلك ، جزء من هذه الإنعكاسات و المتمثل في العنف الذي يولد العنف
يتجلى تماماً في هذا المشهد ، فيأتي إنتقام ليزبيت غامراً و قوياً و قاسياً و – الأهم – مجنوناً
، قطةٌ داجنةٌ مارس المجتمع عليها سائر أنواع عفونته لكنه نسي مع مرور الأيام أنها
ما زالت تمتلك مخالب مجنونة قد تفيدها في وقت الحاجة ، أداءٌ فتاك من روني مارا و إدارةٌ رائعة من ديفيد فينشر .
6
مشهد Villa
Gesell من فيلم X-Men: First Class
بعيداً عن حقيقة أن هذا الفيلم هو أفضل
أفلام السلسلة برأيي تبدو مشهدية الفيلم عاليةً أيضاً ، هذا المشهد تحديداً قطعةٌ
مختلفةٌ عن الفيلم كله إبتداءاً من المكان ، مروراً بالتصوير ، وصولاً إلى المذاق
الذي نحصل عليه منه ، مشاهدته قفزت بي تلقائياً إلى مشهدٍ آخر يجلس فيها الرائع مايكل فاسبندر في حانةٍ و
يتكلم الألمانية أيضاً في فيلم كوانتين
تارانتينو Inglourious Basterds ، إيريك لينشر
يشد الرحال إلى بلدة أرجنتينيةٍ وادعة ليبدأ رحلة إنتقامه من الأشخاص الذين تسببوا
في الماضي في قتل والدته و حولوه إلى فأر تجارب تحت إدارة سباستيان شو في ألمانيا النازية ، في حانةٍ
صغيرةٍ في البلدة يجلس إريك ليصطاد الرجلين ، يستذكر معهما ألمانيا حيث ينحدر
والداه ، و يذكّرهما بأن والديه قتلا على يديي مربي الخنازير و الخياطين ، مهنتيهما
حالياً ، قبل أن يخرج حقد وحش
فرانكنشتين الذي في طريقه لينتقم من صانعه ، ممتاز .
5
مشهد The
Opening من فيلم A Separation
كل من أراد أن يختزل مشاهد العام يضع هذا
المشهد ضمنها ، كل من أراد أن يتحدث عن السينما هذا العام يجد هذا المشهد في وجهه
، كل من أراد أن يقدم تقريراً تلفيزيونياً عن السينما أو عن الأوسكار أو عن A Separation سيجد نفسها أمام فلاش من المشهد ، هذا لا
يدل سوى على مقدار الايقونية التي يمتلكها على الأقل عند حديثنا عن فيلم اصغر فرهادي الذي نال منذ أقل
من اسبوعين أوسكار أفضل فيلم أجنبي ، دعوا الأيقونية جانباً ، في صميم العمل هذا
مشهدٌ عظيمٌ و لا ينسى ، معظم من شاهد A Separation
و أعجب به قد يقر في نفسه بأنه انجذب للعمل منذ هذه اللحظة التي شاهد فيها الزوجين
نادر و سيمين يجلسان أمام القاضي
ليشرحا طبيعة الوضع المعقد الذي يهدد حياتهما معاً ، هنا يقنعك أصغر فرهادي بأنه يقدم لك شخصياتٍ سينمائيةً لا تشاهدها
كل يوم ، تستمتع و أنت تسمع نقاشهما ، تقنعك وجهات نظرهما ، تدرك أن مكابرتهما
ستوصلهما بالنتيجة إلى طريقٍ مسدود لكنهما سيمضيان بها إلى النهاية ، سيمين لديها ما يحركها و هو
دافعٌ قويٌ و حقيقي ، و نادر
له ما يحاجج به وهو أمرٌ منطقي و مقنع أيضاً ، والمشاهد – الذي يأخذ أيضاً منظور
القاضي كما هو حال Rashomon – يجلس هناك
ليستمع ، و يندهش ، و يصفق ، آملاً بوجبةٍ سينمائيةٍ يدفعه للتفاؤل بها مشهدٌ
إفتتاحي كهذا ، و لا أعتقد بأن أمله يخيب بهذا الخصوص .
4
مشهد The
Elevator من فيلم Drive
لا أدري لماذا تحديداً لكنني أحببت هذا
الفيلم !! ، هذا المشهد يبدو واحداً من قطع العام الساحرة بحق ، عندما ترسل
العصابة رجلاً ليقضي على درايفر
الذي ذهب لزيارة إيرين
بعد العملية الفاشلة التي أردت زوجها قتيلاً ، يستقلان المصعد ليجدا رجل بيرني روز ينتظرهم هناك ، أعظم
مافي المشهد أنه ينقل شخصية درايفر
– بنوعٍ من المغامرة – بين حالتين متناقضتين تماماً ترسمان ملامحها بشكلٍ واضح عبر
الفيلم كله ، فجأةً ينتحي درايفر
بإيرين زاويةً في المصعد
ليمنحها ويمنح المشاهدين لحظةً رومانسيةً خاطفةً قد تكون الأجمل في الفيلم قبل أن
ينقلب بعنف في لحظةٍ إنفجارية ليدمر الرجل المستأجر لتصفيته ، يدمّره بالمعنى
الحرفي للكلمة ، يلتفت درايفر
إلى إيرين الواقفة على
باب المصعد ، أمورٌ كثيرةٌ تغيرت ، إيرين تنظر الآن في عيني شخصٍ آخر لم تعرفه من قبل ، دخلت ذلك
المصعد مع إنسانٍ مختلفٍ تماماً عن ذلك الذي عرفته عند خروجها منه ، وفقط من أجل
هذه التفاصيل البسيطة التي جعلني فينديغ ريفن ألتقطها بكثيرٍ من الجمال و السحر في
أرجاء فيلمه ، أنا أعشق عمله الإخراجي هنا .
3
مشهد Dances
with a Coat من فيلم The Artist
أحد مشاهد العام الأيقونية ، بالتأكيد
سيبقى ضمن تلك المشاهد التي سيتذكرها مشاهدون كثر على مدى سنوات عندما يتذكرون
الفيلم الصامت الذي فاز بالأوسكار بعد أكثر من ثمانين عاماً على فيلمٍ وحيدٍ سبق
وأن فعلها قبله ، كثيرون إعتبروه – مع المشهد الأخير لبطلي الفيلم يرقصان في أول
أفلامها الناطقة معاً – أكثر مشاهد الفيلم خلوداً على إعتبار أننا عادةً ما نتذكر
الفيلم الأوسكاري بمشهدٍ أيقونيٍ من هذا الطراز ، الممثلة الصاعدة بيبي ميلر تنهي مشهدها الراقص
الذي تصوره مع النجم جورج
فالنتين في فيلمه الجديد ( علاقة ألمانية ) و تذهب بإتجاه غرف الملابس ، لكنها تدخل – من باب
الفضول - إلى حجرته ، تشعر بنشوةٍ حقيقيةٍ عندما تفعل ذلك ، تكتب على مرءآته ، و
تراقص معطفه الخاوي ، تكمل رقصةً بدأتها معه منذ دقائق في المشهد السينمائي ،
لكنها تكملها بالسيناريو الذي يروق لها هي ، قبل أن تجد جورج فالنتين أمامها في
الحجرة ليمنحها أخيراً تذكاره الذي لن تتخلى عنه أبداً ، مشهدٌ للذاكرة .
2
مشهد George
Melies من فيلم Hugo
للحظة شعرت بأنني توحدت مع هوغو كابريه و مارتن سكورسيزي وغدونا شخصاً
واحداً ، عندما شاهدت المشهد الذي يجلس فيها جورج ميلييس ليحكي حكايته لهيغو و إيزابيل مستعرضاً بعضاً من أعماله التي كادت أن تندثر ، شعرت لوهلة
بأن مارتن سكورسيزي لم
يظهر في هذا المشهد عبثاً ، مارتن أراد أن يعبر عن احترامه للرجل بأن يُعرّف
الكثيرين بعظمة ما فعله هذا السينمائي السابق لعصره ، شعرت بمارتي و بخصوصية ما يقدمه هذا
العمل له ، شعرت به عاد الفتى إبن الثانية عشرة الذي فتنته السينما أيام كان يذهب
لحضور عروضٍ خاصة في نيويورك لمجموعةٍ من سحرة السينما الأوائل ، أولئك الذين رأى
المخرج الشاب أنهم لم يجدوا التقدير الذي يستحقونه لأن جزءاً كبيراً من أعمالهم قد
إختفى ، فسخّر جزءاً مهماً من حياته في إعادة إحياء و ترميم الأشرطة السينمائية
لمجموعةٍ من عرابي الفن السابع على رأسهم ذلك الساحر الذي ترك مهنة السحر ليصبح
مخرجاً سينمائياً ، و طور الحيل و الإبتكارات السحرية لتصبح حيلاً سينمائيةً في
فترةٍ كان الإخراج الفني و المؤثرات البصرية ما تزال ضرباً من المستقبل ، جورج ميلييس يعيد إكتشاف ذاته أمامنا
و يحكي حكايته لنا كما رغب مارتي طوال سنوات أن يفعل ، في مشهدٍ مبهجٍ و احببته
بحق .
1
مشهد Creation من فيلم The Tree of Life
يعلم الكثيرون أن فن المؤثرات البصرية هو
ركنٌ هامٌ من أي فيلم خيالٍ علمي ، أكثر من أهميته في أي صنفٍ آخر ، قدم دوغلاس ترومبل المؤثرات
البصرية لفيلمي الخيال العلمي الأعظم من وجهة نظري الشخصية 2001 : A Space Odyssey و Blade
Runner ، و شخصٌ بهذا الإرث سيعنيني شخصياً و لو
من باب الفضول أن أعرف كُنه الخبر الذي قرأته قبل عام عن التعاون المشترك بينه و تيرينس ماليك ، بعد عشرين
دقيقةً من العرض و لمدة ربع ساعةٍ كاملة يشعل فينا دوغلاس ترومبل كل الحنين و الشجن الذي صنعه على مدى
أجيال تجاه تحفة ستانلي كيوبريك السابقة لعصرها 2001 : A Space Odyssey ، حركة جديدة بالمؤثرات الخاصة التقليدية تشابه
الحركات الأربع في سيمفونية كيوبريك
الخالدة ، تيرينس ماليك
في فيلمه الجديد الذي ينظر بعمق في الطرق التي يتقبل بها الإنسان و يفسر مغزى
وجوده و آليته يعود قبل كل شيءٍ إلى بداية كل شيء ، نتأمل فيها لوحاتٍ بديعة من
الفضاء و النجوم و الإنفجارات ، براكين تنفجر و شلالات تتدفق ، عوامل التعرية تنحت
وجه الأرض الوليد ، الكائنات البدائية تظهر و تتكاثر و تنتشر ، يسقط نيزك فتنتهي
المرحلة الأولى الطويلة من عمر الكوكب ، ليبدأ الإنسان رحلته بعد ذلك ، مشهدٌ فيه
من الجلال و العظمة و السحر ما يجعله أكثر المشاهد إلتصاقاً في ذاكرتي من هذا
العام السينمائي ، بعد عقود سأنسى الكثير لكنني سأتذكر هذا المشهد .
0 تعليقات:
إرسال تعليق