كتب : عماد العذري
هذا الأسبوع مارس الأخوان جويل و إيثان كوين هوايتهم المفضلة في سحر النقاد من خلال فيلمهما الجديد A Serious Man الذي أطلق على نطاقٍ واسع في الصالات الأمريكية منذ يومين , و في إستمرارٍ للعرض الخاطف الذي تم تقديمه فيه في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي المنصرم و الذي خرج منه مكللاً بالمديح , لقي الفيلم ترحاباً نقدياً مميزاً وضعه على اللائحة الذهبية للأفلام المحتمل بقوة أن تخطف أحد المقاعد العشرة في سباق أوسكار أفضل فيلم لهذا العام .
و يقدم الفيلم الذي كتبه و أنتجه و أخرجه جويل و إيثان كوين ( كالعادة ) كوميديا سوداء تدور أحداثها عام 1967 حيث لاري غوبنيك بروفسور علم الفيزياء اليهودي الذي يراقب حياته و هي تتفكك و تنهار عقب قرار زوجته بهجره و شقيقه المرفوض إجتماعياً يرفض مغادرة المنزل , حياة غوبنيك كانت هادئةً تماماً و خاليةً من أي شيء مشوق , لكن زوجته جوديث تقرر فجأةً أن تتركه و تنتقل للعيش مع زميله المتعجرف سي آبلمان , و بينما يحاول الرجل التعامل مع فشل زواجه تطفو مشاكل شقيقه الأخرق آرثر على السطح , في هذه الأثناء إبنه داني لديه بعض المشاكل في مدرسته العبرية , و إبنته سارة تختلس المال من محفظة والدها من أجل إجراء عمليةٍ لتجميل أنفها ( في إشارتين يهوديتين للإقتباسات التوراتية الواضحة في الفيلم ) , و بينما يبدأ جوديث و سي التخطيط لحياتهما الجديدة , تستمر مشاكل لاري عندما يبدأ بتلقي رسائل مجهولة المصدر من شخصٍ يبدو مصراً على القضاء على مستقبل لاري الجامعي , و تكتمل الأمور عندما يتعرض للإبتزاز من قبل أحد طلابه الفاشلين الذي يعرض عليه رشوةً مقابل النجاح , يبدو لاري بحاجةٍ حقيقية للتركيز و معرفة التصرف المناسب تجاه كل هذه التعقيدات في حياته , لكن التركيز سيبدو صعباً عندما تصر جارتك الحسناء على التشمس عاريةً على إطلالة نافذتك !!
و يبدو الفيلم تحولاً غريباً نوعاً ما من الأخوين حيث خلا الفيلم تماماً من النجوم , على الرغم من كونه يأتي في ذروة نجومية الرجلين و بعد عامين فقط على تتويجهما بثلاث جوائز أوسكار عن تحفتهما العظيمة No Country for Old Men التي أدارا فيها تومي لي جونز و جوش برولين و خافيير بارديم و بعد عامٍ واحد على فيلمهما Burn After Reading الذي قام ببطولته النجوم جورج كلوني و براد بيت و فرانسيس مكدورماند و جون مالكوفيتش و تيلدا سوينتون , الفيلم الجديد A Serious Man يقوم ببطولته مايكل ستولبارغ الذي سبق له و رشح لجائزة توني المسرحية و لا يوجد له أدوارٌ سينمائية تستحق الذكر , لكنه تمكن هنا و تحت إدارة جويل و إيثان كوين أن يلفت النظر للدرجة التي وضع بها ضمن الأسماء النخبة المتوقع تواجدها في ختام الموسم في قائمة المرشحين لأوسكار أفضل ممثل هذا العام .
و نال الفيلم إحتفاءه النقدي للأبعاد التوراتية العميقة التي يلامسها من خلال الضياع الذي يواجهه الإنسان في مواجهة وجوده و الرسائل التي يحاول أن يوجهها من خلال قصة أيوب ( عليه السلام ) معصرنة , و هي الأبعاد التي وجد فيها النقاد مادةً دسمة للتحليل و الدراسة خصوصاً و أنها تروض من خلال سيناريو - وصف بالعبقري - للكوينز لتغذي التفاصيل الظاهرية لقصة لاري غوبنيك بعمق يصل بها حد التخمة , و إعتبر الناقد الكبير تود مكارثي في مراجعته في مجلة Variety بأن الفيلم ( من نوعية الأفلام التي يجب أن يصنعها المرء بعد أن يفوز بجائزة أوسكار !! ) , و وصفت الناقد كلوديا بويغ الفيلم في مقالها في USA Today بأنه ( فيلم غريب بشكلٍ يبعث على الدهشة : فيلم ٌهزلي بائس , لكنه فاتنٌ بحق ) , كما رأى الناقد أيه أو سكوت في النيويورك تايمز بأن ( هذا الفيلم مثل مصدره التوراتي : قيمة إغراقية مقطرة و صافية عن الحالة الإنسانية ) , و رأت الناقدة دانا ستيفنز بأنه ( عملُ موقر بشكل رائع ) , ذات التوقير الذي نلمسه في مراجعة الناقد الكبير ديفيد دينبي في النيويوركر عندما وصفه بـ ( قطعة إحترافية من صناعة السينما ) .
و تناول العديد من النقاد الخصوصية التي يمثلها هذا الفيلم في مسيرة الكوينز , و رأى بعضهم بأنه الفيلم الأكثر إستلهاماً من الحياة الشخصية للأخوين أواخر الستينيات , و كتب إيثان آلتر في مراجعته عن الفيلم ( مجدداً يزور الكوينز طفولتهما لصناعة أكثر أفلامهما خصوصيةً و أحد أفضلها في مسيرتهما إلى اليوم ) , و إعتبرته الناقدة كاثي ريتش ( فيلمهما الأكثر غرابة , و الأكثر غموضاً , و ربما الأكثر أناقةً أيضاً ) , و إعتبر الناقد جيمس روكي بأن الفيلم ( مضحك نعم لكنه مثير و مؤثر أيضاًَ , هذا الفيلم قد يكون واحداً من أفضل أعمال الكوينز , و بين أذكى أفلام العام و أكثرها تسليةً و إنعاشاً ) , في حين كان الناقد الكبير جيمس بيراردينيللي دقيقاً عندما كتب ( يمثل هذا الفيلم تحولاً جديداً في مسيرة الكوينز , و سيستقر ضمن أفلام القمة في مسيرتهما , تحديداً أسفل القمة بقليل ) .
و إعتبر بعض النقاد بأن الفيلم يستمد جزءاً من غموضه من غموض شخصية الكوينز ذاتها , و هو الأمر الذي يمنح لهذا العمل الخصوصية و الشخصية أكثر من غيره من أعمالهما , و كتب الناقد رضيان سيمونبيلاي في مراجعته ( يمكن أن يُنظر لهذا الفيلم على أنه فيلمٌ عن الحياة عديمة المعنى أو أنه فيلمٌ عديم المعنى , و في الحالتين : هذا الفيلم لا يصنعه سوى الكوينز ) , و إعتبره الناقد ديفيد نوسير ببساطة ( عملاً مثالي الغموض من الكوينز ) , بينما رأى الناقد الكبير ديفيد إيدلستين في مقاله في New York Magazine بأن الفيلم ( ليس فيلماً أصيلاً فقط , بل هو القطعة الأخيرة في الأحجية التي تدعى ( الكوينز ) !! ) .
و رأى آخرون بأن هذا الغموض هو جزء من العمق الذي يحاول أن يصل إليه العمل الذي يطرح العديد من التساؤلات الوجودية لكنه لا يهتم كثيراً ( كعادة سيناريوهات الكوينز ) بالإجابة عنها , و قال الناقد الكبير ستيفن ويتي في مراجعته ( لذا هل هو : وجودٌ لا معنى له ؟ أو أنه عالمٌ معقدٌ جداً لدرجةٍ لا نستطيع بها إدراك المغزى منه ؟ إذا إعتقدت بأن الكوينز سيحاولون الإجابة عن هذا السؤال فأنت لم تشاهد الكثير من أفلامهم ) .
و إمتدح نقادٌ آخرون روح الكوينز التي لا يمكن مراوغتها في هذا الفيلم , حيث كتب كيمبرلي غاديت في مقاله ( لدغة الكوينز في التساؤلات الأساسية : إلى أي مدى نحن قادرون على التحكم بأنفسنا في الوقت الراهن , و كيف أن هذا التحكم و التطويع يمكن أن يضل صداه يتردد حتى بعد موتنا ) , و كتب الناقد أوين غليبرمان في مقاله في Entertainment Weekly بأنه ( قد لا يكون فيلماً مثالياً , لكنه يسهل عليك معرفة من هم الكوينز , أو على أقل تقدير من أين جاءوا ) , و قال الناقد الكبير بيتر ترافيرز عنه في مقاله في Rolling Stone بأنه ( فيلم مضحكٌ جداً , روحيٌ في طبيعته , شائكٌ في نبرته , و نعم .. يلسع مثل الجحيم ) , ذات الفكرة التي سيطرت على مقال الناقد نويل ميري المعجب بروح الكوينز التي تسري في الفيلم , و كتب فيه ( هذا فيلمٌ للكوينز فعلاً , مليء بالشخصيات المبالغ بها و العنف الهزلي ) في إشارةٍ للتيمات ذاتها التي أصر الأخوان على التعامل معها منذ إنطلاقتهما قبل ربع قرن في رائعتهما الشهيرة Blood Simple , بل أن هذا المزيج بدى مفضلاً بشدة لدى الناقد ريك غروين عندما وصفه قائلاً ( هنا فيلمٌ في قتامة No Country for Old Men لكنه أكثر تسليةً منه ) , و إعتبر لو لومينيك في مراجعته في New York Post متناولاً هذه الخصوصية ( قد لا يمتلك لهذا الفيلم أسماء النجوم الكبار الذين أدارهم الكوينز في أفلامهما مؤخراً , لكنه يمتلك الكثير من القلب و الروح ) .
بالمقابل رأى الناقد الشهير ريكس ريد في مراجعته في New York Observer بأن الفيلم ( ليس واحداً من أفضل أفلامهما , لكن بسبب إخلاصه و تفسيره للمشاعر الموجودة فيه , قد يكون هذا الفيلم بطريقةٍ أو بأخرى واحداً من أكثر أفلامهما قبولاً ) .
و إمتدح الناقد إدوارد دوغلاس التوازن المثير للإعجاب بين الحبكة و اللغة السينمائية الفريدة الذي يتمكن الأخوان جويل و إيثان كوين من صناعته دائماً في أعمالهما , و هو التوازن الذي يتجلى في هذا الفيلم كما يرى دوغلاس الذي كتب في مراجعته ( فيلمٌ ذكي جداً , قطعةٌ أخرى من السرد القصصي الأصيل جداً من الكوينز , يظهر تألقهم في تقديم الواقعية الحذقة و في الوقت ذاته إبقاء جمهورهم مستمتعاً بما يشاهده ) , و كتب كريس هويت عنه ( فيلمٌ يصور لنا رجلاً يشاهد حياته تتفكك , و يجعلنا نعيش تجربة الإحساس بذلك الشعور ) , في حين إعتبره الناقد روبرت ليفين ( حكايةٌ رمزيةٌ مؤثرة يحمل بذكاء و ليونة قوةً هائلةً في تصويره الواضح لإنسانٍ عادي يكافح من أجل موازنة إيمانه مع واقعه اليومي ) , و جاءت مراجعة الناقد الشهير إيمانويل ليفي لذيذةً كعادته عندما يتحمس لفيلم ما , خصوصاً عندما أوجزها برسالةٍ مبطنةٍ للأكاديمية قائلاً ( على الرغم من كونه أقل تجارية و خلوه من النجوم مقارنةً بأفلامه السابقة , إلا أن هذا الفيلم قد يكون أكثر أفلام الكوينز خصوصية , عملٌ عميق , و نظرة فاحصة في الخرافات اليهودية مع أفكارٍ إنسانية هامة يجب أن نتذكرها عندما تأتي لحظة الأوسكار ) .
هذا الأسبوع مارس الأخوان جويل و إيثان كوين هوايتهم المفضلة في سحر النقاد من خلال فيلمهما الجديد A Serious Man الذي أطلق على نطاقٍ واسع في الصالات الأمريكية منذ يومين , و في إستمرارٍ للعرض الخاطف الذي تم تقديمه فيه في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي المنصرم و الذي خرج منه مكللاً بالمديح , لقي الفيلم ترحاباً نقدياً مميزاً وضعه على اللائحة الذهبية للأفلام المحتمل بقوة أن تخطف أحد المقاعد العشرة في سباق أوسكار أفضل فيلم لهذا العام .
و يقدم الفيلم الذي كتبه و أنتجه و أخرجه جويل و إيثان كوين ( كالعادة ) كوميديا سوداء تدور أحداثها عام 1967 حيث لاري غوبنيك بروفسور علم الفيزياء اليهودي الذي يراقب حياته و هي تتفكك و تنهار عقب قرار زوجته بهجره و شقيقه المرفوض إجتماعياً يرفض مغادرة المنزل , حياة غوبنيك كانت هادئةً تماماً و خاليةً من أي شيء مشوق , لكن زوجته جوديث تقرر فجأةً أن تتركه و تنتقل للعيش مع زميله المتعجرف سي آبلمان , و بينما يحاول الرجل التعامل مع فشل زواجه تطفو مشاكل شقيقه الأخرق آرثر على السطح , في هذه الأثناء إبنه داني لديه بعض المشاكل في مدرسته العبرية , و إبنته سارة تختلس المال من محفظة والدها من أجل إجراء عمليةٍ لتجميل أنفها ( في إشارتين يهوديتين للإقتباسات التوراتية الواضحة في الفيلم ) , و بينما يبدأ جوديث و سي التخطيط لحياتهما الجديدة , تستمر مشاكل لاري عندما يبدأ بتلقي رسائل مجهولة المصدر من شخصٍ يبدو مصراً على القضاء على مستقبل لاري الجامعي , و تكتمل الأمور عندما يتعرض للإبتزاز من قبل أحد طلابه الفاشلين الذي يعرض عليه رشوةً مقابل النجاح , يبدو لاري بحاجةٍ حقيقية للتركيز و معرفة التصرف المناسب تجاه كل هذه التعقيدات في حياته , لكن التركيز سيبدو صعباً عندما تصر جارتك الحسناء على التشمس عاريةً على إطلالة نافذتك !!
و يبدو الفيلم تحولاً غريباً نوعاً ما من الأخوين حيث خلا الفيلم تماماً من النجوم , على الرغم من كونه يأتي في ذروة نجومية الرجلين و بعد عامين فقط على تتويجهما بثلاث جوائز أوسكار عن تحفتهما العظيمة No Country for Old Men التي أدارا فيها تومي لي جونز و جوش برولين و خافيير بارديم و بعد عامٍ واحد على فيلمهما Burn After Reading الذي قام ببطولته النجوم جورج كلوني و براد بيت و فرانسيس مكدورماند و جون مالكوفيتش و تيلدا سوينتون , الفيلم الجديد A Serious Man يقوم ببطولته مايكل ستولبارغ الذي سبق له و رشح لجائزة توني المسرحية و لا يوجد له أدوارٌ سينمائية تستحق الذكر , لكنه تمكن هنا و تحت إدارة جويل و إيثان كوين أن يلفت النظر للدرجة التي وضع بها ضمن الأسماء النخبة المتوقع تواجدها في ختام الموسم في قائمة المرشحين لأوسكار أفضل ممثل هذا العام .
و نال الفيلم إحتفاءه النقدي للأبعاد التوراتية العميقة التي يلامسها من خلال الضياع الذي يواجهه الإنسان في مواجهة وجوده و الرسائل التي يحاول أن يوجهها من خلال قصة أيوب ( عليه السلام ) معصرنة , و هي الأبعاد التي وجد فيها النقاد مادةً دسمة للتحليل و الدراسة خصوصاً و أنها تروض من خلال سيناريو - وصف بالعبقري - للكوينز لتغذي التفاصيل الظاهرية لقصة لاري غوبنيك بعمق يصل بها حد التخمة , و إعتبر الناقد الكبير تود مكارثي في مراجعته في مجلة Variety بأن الفيلم ( من نوعية الأفلام التي يجب أن يصنعها المرء بعد أن يفوز بجائزة أوسكار !! ) , و وصفت الناقد كلوديا بويغ الفيلم في مقالها في USA Today بأنه ( فيلم غريب بشكلٍ يبعث على الدهشة : فيلم ٌهزلي بائس , لكنه فاتنٌ بحق ) , كما رأى الناقد أيه أو سكوت في النيويورك تايمز بأن ( هذا الفيلم مثل مصدره التوراتي : قيمة إغراقية مقطرة و صافية عن الحالة الإنسانية ) , و رأت الناقدة دانا ستيفنز بأنه ( عملُ موقر بشكل رائع ) , ذات التوقير الذي نلمسه في مراجعة الناقد الكبير ديفيد دينبي في النيويوركر عندما وصفه بـ ( قطعة إحترافية من صناعة السينما ) .
و تناول العديد من النقاد الخصوصية التي يمثلها هذا الفيلم في مسيرة الكوينز , و رأى بعضهم بأنه الفيلم الأكثر إستلهاماً من الحياة الشخصية للأخوين أواخر الستينيات , و كتب إيثان آلتر في مراجعته عن الفيلم ( مجدداً يزور الكوينز طفولتهما لصناعة أكثر أفلامهما خصوصيةً و أحد أفضلها في مسيرتهما إلى اليوم ) , و إعتبرته الناقدة كاثي ريتش ( فيلمهما الأكثر غرابة , و الأكثر غموضاً , و ربما الأكثر أناقةً أيضاً ) , و إعتبر الناقد جيمس روكي بأن الفيلم ( مضحك نعم لكنه مثير و مؤثر أيضاًَ , هذا الفيلم قد يكون واحداً من أفضل أعمال الكوينز , و بين أذكى أفلام العام و أكثرها تسليةً و إنعاشاً ) , في حين كان الناقد الكبير جيمس بيراردينيللي دقيقاً عندما كتب ( يمثل هذا الفيلم تحولاً جديداً في مسيرة الكوينز , و سيستقر ضمن أفلام القمة في مسيرتهما , تحديداً أسفل القمة بقليل ) .
و إعتبر بعض النقاد بأن الفيلم يستمد جزءاً من غموضه من غموض شخصية الكوينز ذاتها , و هو الأمر الذي يمنح لهذا العمل الخصوصية و الشخصية أكثر من غيره من أعمالهما , و كتب الناقد رضيان سيمونبيلاي في مراجعته ( يمكن أن يُنظر لهذا الفيلم على أنه فيلمٌ عن الحياة عديمة المعنى أو أنه فيلمٌ عديم المعنى , و في الحالتين : هذا الفيلم لا يصنعه سوى الكوينز ) , و إعتبره الناقد ديفيد نوسير ببساطة ( عملاً مثالي الغموض من الكوينز ) , بينما رأى الناقد الكبير ديفيد إيدلستين في مقاله في New York Magazine بأن الفيلم ( ليس فيلماً أصيلاً فقط , بل هو القطعة الأخيرة في الأحجية التي تدعى ( الكوينز ) !! ) .
و رأى آخرون بأن هذا الغموض هو جزء من العمق الذي يحاول أن يصل إليه العمل الذي يطرح العديد من التساؤلات الوجودية لكنه لا يهتم كثيراً ( كعادة سيناريوهات الكوينز ) بالإجابة عنها , و قال الناقد الكبير ستيفن ويتي في مراجعته ( لذا هل هو : وجودٌ لا معنى له ؟ أو أنه عالمٌ معقدٌ جداً لدرجةٍ لا نستطيع بها إدراك المغزى منه ؟ إذا إعتقدت بأن الكوينز سيحاولون الإجابة عن هذا السؤال فأنت لم تشاهد الكثير من أفلامهم ) .
و إمتدح نقادٌ آخرون روح الكوينز التي لا يمكن مراوغتها في هذا الفيلم , حيث كتب كيمبرلي غاديت في مقاله ( لدغة الكوينز في التساؤلات الأساسية : إلى أي مدى نحن قادرون على التحكم بأنفسنا في الوقت الراهن , و كيف أن هذا التحكم و التطويع يمكن أن يضل صداه يتردد حتى بعد موتنا ) , و كتب الناقد أوين غليبرمان في مقاله في Entertainment Weekly بأنه ( قد لا يكون فيلماً مثالياً , لكنه يسهل عليك معرفة من هم الكوينز , أو على أقل تقدير من أين جاءوا ) , و قال الناقد الكبير بيتر ترافيرز عنه في مقاله في Rolling Stone بأنه ( فيلم مضحكٌ جداً , روحيٌ في طبيعته , شائكٌ في نبرته , و نعم .. يلسع مثل الجحيم ) , ذات الفكرة التي سيطرت على مقال الناقد نويل ميري المعجب بروح الكوينز التي تسري في الفيلم , و كتب فيه ( هذا فيلمٌ للكوينز فعلاً , مليء بالشخصيات المبالغ بها و العنف الهزلي ) في إشارةٍ للتيمات ذاتها التي أصر الأخوان على التعامل معها منذ إنطلاقتهما قبل ربع قرن في رائعتهما الشهيرة Blood Simple , بل أن هذا المزيج بدى مفضلاً بشدة لدى الناقد ريك غروين عندما وصفه قائلاً ( هنا فيلمٌ في قتامة No Country for Old Men لكنه أكثر تسليةً منه ) , و إعتبر لو لومينيك في مراجعته في New York Post متناولاً هذه الخصوصية ( قد لا يمتلك لهذا الفيلم أسماء النجوم الكبار الذين أدارهم الكوينز في أفلامهما مؤخراً , لكنه يمتلك الكثير من القلب و الروح ) .
بالمقابل رأى الناقد الشهير ريكس ريد في مراجعته في New York Observer بأن الفيلم ( ليس واحداً من أفضل أفلامهما , لكن بسبب إخلاصه و تفسيره للمشاعر الموجودة فيه , قد يكون هذا الفيلم بطريقةٍ أو بأخرى واحداً من أكثر أفلامهما قبولاً ) .
و إمتدح الناقد إدوارد دوغلاس التوازن المثير للإعجاب بين الحبكة و اللغة السينمائية الفريدة الذي يتمكن الأخوان جويل و إيثان كوين من صناعته دائماً في أعمالهما , و هو التوازن الذي يتجلى في هذا الفيلم كما يرى دوغلاس الذي كتب في مراجعته ( فيلمٌ ذكي جداً , قطعةٌ أخرى من السرد القصصي الأصيل جداً من الكوينز , يظهر تألقهم في تقديم الواقعية الحذقة و في الوقت ذاته إبقاء جمهورهم مستمتعاً بما يشاهده ) , و كتب كريس هويت عنه ( فيلمٌ يصور لنا رجلاً يشاهد حياته تتفكك , و يجعلنا نعيش تجربة الإحساس بذلك الشعور ) , في حين إعتبره الناقد روبرت ليفين ( حكايةٌ رمزيةٌ مؤثرة يحمل بذكاء و ليونة قوةً هائلةً في تصويره الواضح لإنسانٍ عادي يكافح من أجل موازنة إيمانه مع واقعه اليومي ) , و جاءت مراجعة الناقد الشهير إيمانويل ليفي لذيذةً كعادته عندما يتحمس لفيلم ما , خصوصاً عندما أوجزها برسالةٍ مبطنةٍ للأكاديمية قائلاً ( على الرغم من كونه أقل تجارية و خلوه من النجوم مقارنةً بأفلامه السابقة , إلا أن هذا الفيلم قد يكون أكثر أفلام الكوينز خصوصية , عملٌ عميق , و نظرة فاحصة في الخرافات اليهودية مع أفكارٍ إنسانية هامة يجب أن نتذكرها عندما تأتي لحظة الأوسكار ) .
0 تعليقات:
إرسال تعليق